02/09/2022
روما - الأناضول : تضرر الإنتاج الزراعي في إيطاليا بشكل كبير بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية هذا العام، ما أدى إلى خسائر فادحة لدى صغار المزارعين وكبارهم على حد سواء.
ووفقا لجمعيات المزارعين في الدولة الأوروبية، يستخدم المزارعون تقنيات ري حديثة وذكية للحد من آثار شح الأمطار، لكن ارتفاع أسعار المياه والطاقة أدى إلى خفض الإنتاج السنوي بنسبة 30 بالمئة.
وحاليا، تشهد إيطاليا أزمة مياه هي الأسوأ منذ 70 عاما، بعد ثلاث سنوات متتالية من الجفاف وارتفاع قياسي لدرجات الحرارة.
ويرى خبراء أن الأزمة الحالية ترجع في الأساس إلى آثار تغير المناخ في عموم البلاد.
وقال خبير المناخ في المجلس الوطني للبحوث أنتونيلو باسيني للأناضول إن "المشكلة الحقيقية أننا نشهد اتجاها نحو صيف أكثر حرارة وجفافا، وهذا دليل على تغير حتمي في المناخ".
وأضاف: "توقعنا هذه المشاكل في الشتاء، حيث تساقطت الثلوج بكميات قليلة في المرتفعات، مما خفض المخزونات الحقيقية للمياه.. كان ينبغي القيام بشيء ما مسبقا".
وأشار باسيني إلى أنه "يمكن المحافظة على استقرار درجات الحرارة، لكن من المستحيل إعادتها إلى المستويات السابقة".
وأرجع ذلك إلى أن الأمر يتطلب اعتماد بنية تحتية وتقنيات جديدة، إضافة إلى تدابير خاصة للتخفيف والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والانتقال إلى الطاقات المتجددة.
وشدد على أنه من الصعب على المزارعين الصغار تنفيذ مثل هذه التغييرات الجذرية.
نيكولو كارانديني، صاحب مزرعة عائلية في قرية توريمبيترا القريبة من العاصمة روما قال للأناضول إنه خسر هذا العام ثلث عوائده، وإنه "لا يعرف كيف سيغطي مصاريفه" بقية العام.
وينتج كارانديني بشكل رئيسي المحاصيل الشتوية التي لا تحتاج في العادة إلى الري، لكن شح الأمطار قلل من الإنتاج وأضر بالجودة، حسب تعبيره.
وأردف: "أدفع كل عام فاتورة بقيمة 12 ألف يورو لشركة المياه، حتى لو لم أستخدم المياه على الإطلاق".
كلوديو كارامادر، مزارع صغير آخر في منطقة لازيو، قال للأناضول إن المشكلة الكبرى ليست في كمية المياه، ولكن في ارتفاع الأسعار وارتفاع تكاليف الطاقة.
وأوضح كارامادر، الذي يمتلك نحو 40 هكتارا (99 فدانا) لإنتاج الفاكهة والخضروات العضوية، أن "كمية المياه هنا كبير جدا مقارنة بالأرض المزروعة حاليا، لكن سعر المياه تضاعف مقارنة بالعام الماضي".
وأضاف أنه اعتمد أسلوب الري بالرش، والذي يوفر المزيد من المياه.
وتوفر التقنيات الحديثة للري بعض الحلول للتحديات التي يفرضها التغير المناخي، ولكنها تتطلب استثمارات كبيرة ورؤية طويلة الأمد.
وتحاول ماكاريس سبا، إحدى أكبر الشركات الزراعية في إيطاليا، مكافحة ارتفاع درجات الحرارة وحالات الجفاف الاستثنائية من خلال استثمارات حديثة.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة كلاوديو ديسترو للأناضول: "نستثمر لسنوات عديدة في تحسين نظام الري لدينا والبحث عن طرق تضمن أكبر قدر من النتائج بأقل كمية إهدار للمياه".
وأضاف: "خصصنا لذلك نحو 150 ألف يورو سنويا".
وأفاد ديسترو بأن موجة الحرارة والجفاف التي عصفت بإيطاليا هذا العام أضرت بالمحصول الزراعي وإنتاج الحليب الذي توفره الشركة من خلال 3 آلاف و600 بقرة.
كما توقع انخفاض محصول الذرة في مزارع الشركة بنسبة 20 بالمئة هذا العام، بينما سينخفض إنتاج الحليب 25 بالمئة، مع تعرض الأبقار للإجهاد بسبب درجات الحرارة المرتفعة.
ويرى مزارعون أن عدم قدرة إيطاليا على الاستثمار في البنية التحتية طويلة الأجل والقادرة على الحد من الظواهر المناخية الاستثنائية، يرجع أيضا إلى التغيير المستمر للحكومات وغياب الرؤية السياسية.
وقال ديسترو: "نحن بحاجة إلى استثمارات في البنية التحتية تتطلب تخطيطا طويل الأمد وبعض الاستقرار السياسي".
وتابع: "اليوم، يفكر السياسيون فقط في التدخلات الطارئة لأغراض انتخابية".
وفي 25 سبتمبر/ أيلول المقبل، تشهد إيطاليا انتخابات عامة مبكرة، بعد انهيار الحكومة الحالية بقيادة رئيس الوزراء ماريو دراغي في يوليو/ تموز الماضي، إثر إعلان ثلاثة أحزاب في الائتلاف الحكومي أنها لن تشارك في تصويت لمنح الثقة لحكومته.