المساحة السطحية لبحيرات العالم زادت 46 ألف كيلومتر خلال 4 عقود

المساحة السطحية لبحيرات العالم زادت 46 ألف كيلومتر خلال 4 عقود

 12/12/2022

نيتشر كوميونيكيشنز  : حدثت تغيرات كبيرة وسريعة للبحيرات في العقود الأخيرة تؤثر على حسابات غازات الاحتباس الحراري، فضلا عن النظم البيئية والوصول إلى موارد المياه.

كشفت دراسة جديدة أن البحيرات الصغيرة على الأرض قد توسعت بشكل كبير خلال العقود الأربعة الماضية. وبحسب ما نشرته دورية "نيتشر كوميونيكيشنز" (Nature Communications)، فإن هذه الزيادة في توسع عدد البحيرات في عالمنا تعتبر أمرا مثيرا للقلق، بالنظر إلى كمية غازات الدفيئة التي تنبعث من خزانات المياه العذبة، مما يضر بعملية التنمية، والنظم البيئية العالمية، وتعيق وصول الإنسان إلى موارد المياه.

يقول البيان الصحفي -الصادر من جامعة "كوبنهاغن" (University of Copenhagen) في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- إن البكتيريا والفطريات التي تتغذى على النباتات والحيوانات الميتة في قاع البحيرات تنبعث منها كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز والغازات الأخرى، وينتهي المطاف ببعض هذه الغازات في الغلاف الجوي، وذلك ما يجعل البحيرات تتصرف مثل مصانع الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وتتوقع هذه الدراسة -التي أشرف عليها فريق دولي بقيادة جامعة كوبنهاغن- أن تطلق بحيرات المياه العذبة 20% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي للأرض. كما تشير التوقعات إلى أن تغير المناخ سيؤدي إلى إطلاق البحيرات لنصيب متزايد من غازات الاحتباس الحراري في المستقبل. وبحسب البيان فإن هذه هي الأسباب التي تجعل من المهم معرفة عدد وحجم هذه البحيرات، وكذلك كيفية تطورها، وهو ما استهدفته الدراسة.

توسع البحيرات

ووفقا للبيان الصحفي فإن نسبة 49.8% من إجمالي عدد البحيرات العالمية، و23.6% من مساحة البحيرات العالمية، تقع فوق خط العرض 60 شمالا، للكرة الأرضية. كما تشكل البحيرات الناتجة عن ذوبان الأنهار الجليدية أو ذوبان الجليد الدائم 30% من مساحة البحيرات في العالم، وتشمل النقاط الساخنة لهذه الأنواع من البحيرات غرينلاند وهضبة التبت وجبال روكي.

من ناحية أخرى، لوحظ وجود بحيرات كانت قد تقلصت بسبب الجفاف واستهلاك الموارد المائية، وذلك في جميع أنحاء غرب الولايات المتحدة وآسيا الوسطى وشمال الصين وجنوب أستراليا وأماكن أخرى.

وقد أعد الفريق الدولي خريطة أكثر دقة وتفصيلا لبحيرات العالم، إذ رسم خرائط لقرابة 3.4 ملايين بحيرة، ودرس تطورها على مدى العقود الأربعة الماضية، وذلك باستخدام صور الأقمار الصناعية عالية الدقة جنبا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي.

ويكشف رسم الخرائط أن هناك سببين رئيسيين للعديد من البحيرات الجديدة على الأرض، وهي تغير المناخ والأنشطة البشرية، حيث يُظهر المسح أنه بين عامي 1984 و2019، نمت مساحة أسطح البحيرات العالمية بأكثر من 46 ألف كيلومتر مربع، أي أكثر قليلا من مساحة سطح الدانمارك.

ويقول جينغ تانغ الأستاذ المساعد بقسم علم الأحياء في كلية العلوم بجامعة كوبنهاغن والمؤلف المشارك في الدراسة "حدثت تغيرات كبيرة وسريعة للبحيرات في العقود الأخيرة تؤثر على حسابات غازات الاحتباس الحراري، فضلا عن النظم البيئية والوصول إلى موارد المياه".

ووفقا لحسابات الدراسة، فإن الزيادة السنوية في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من البحيرات -خلال الفترة هي 4.8 تيراغرامات (تريليون) من الكربون- وهو ما يعادل زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المملكة المتحدة عام 2012.

البحيرات الصغيرة أخطر

وبينت الدراسة أن البحيرات الأصغر (أقل من كيلومتر مربع واحد) مهمة جدا لحساب غازات الدفيئة لأنها تنتج قدرا كبيرا من الانبعاثات بالنسبة لحجمها. وبينما تمثل البحيرات الصغيرة 15% فقط من إجمالي مساحة البحيرات، فإنها تمثل 25% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون و37% من انبعاثات الميثان.

علاوة على ذلك، فإنها ساهمت بما نسبته 45% و59 من صافي الزيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان، خلال الفترة 1984-2019.

يقول الأستاذ تانغ إن كمية غير متناسبة من غازات الدفيئة تنبعث من البحيرات الصغيرة لأنها عادة ما تكون ضحلة، وتجمع المزيد من المواد العضوية التي يتم تحويلها إلى غازات تصل إلى السطح وتصعد إلى الغلاف الجوي.

ويضيف "في الوقت نفسه، تكون البحيرات الصغيرة أكثر حساسية للتغيرات في المناخ والطقس، وكذلك للاضطرابات البشرية، ونتيجة لذلك تتقلب أحجامها وكيمياء المياه فيها بشكل كبير. ومن ثم فإنه من المهم تحديدها ورسم خرائط لها، ولحسن الحظ، فقد تمكنا من فعل ذلك".

ويأمل الباحثون أن تكون بياناتهم مفيدة لنماذج المناخ المستقبلية، مع وجود جزء كبير من غازات الدفيئة التي يحتمل أن تأتي من أسطح البحيرات مع استمرار المزيد من الذوبان والاحترار.

وحسب تانغ فإنه يمكن استخدام مجموعة البيانات الجديدة هذه لعمل تقديرات أفضل لموارد المياه في بحيرات المياه العذبة، ولتقييم مخاطر الفيضانات بشكل أفضل، وكذلك تحسين إدارة البحيرات "لأنها تؤثر على التنوع البيولوجي أيضا".